رحلتي الي السنغال الافريقي

 

عبد الله الثقافي البلنوري

حثَّ القرآن الكريم على السفر والسياحة لاستكشاف تنوع خلق الله تعالى، كما قال: "سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق". إن التنوع بين البلدان، والذي يظهر في الإنسان ولغته وأسلوبه وثقافته، هو دليل على قدرة الله تعالى وعجائبه. وقد تأملتُ هذه الحقيقة بنفسي خلال رحلتي إلى "السنغال" الأفريقية، حيث شاركتُ في "المؤتمر الدولي" تحت اتحاد علماء أفريقيا، يوم الجمعة 9 سبتمبر، نيابة عن مفتي الديار الهندية فضيلة الشيخ أبي بكر أحمد، تحت عنوان "أن أقيموا الدين ولاتتفرقوا

تميزت هذه الرحلة عن رحلاتي السابقة إلى مصر والأردن والإمارات والسعودية، حيث لاحظت أن معظم الناس، بما في ذلك الصغار والنساء، يحملون السبح ويذكرون الله تعالى، بينما العلماء يرتدون زيًّا خاصًا ومتواضعًا، رغم وجود بعض الطوائف العشوائية كما هو الحال في كل مكان.


تاريخ دخول الإسلام إلى السنغال يختلف فيه المؤرخون، ولكن يُعتقد أن الإسلام وصل إليها خلال فترة وصول جنود المجاهد عقبة بن نافع إلى شاطئ نهر السنغال. كان العرب تحت قيادته قد وسعوا نفوذهم، وأسس عقبة مدينة إسلامية هي القيروان. بفضل هذه السياسة، تمكن جنود عقبة من عبور الصحراء ونشر الإسلام بين القبائل، مما ساهم في تعزيز القوافل إلى غرب إفريقيا

واصل العرب فتحهم شمالي الصحراء، مرورًا بسجلماسة، واتجهوا نحو إفريقيا السوداء عبر وادي السنغال. وانتشر الإسلام في القارة عبر الدعوة والتربية الروحية والطرق الصوفية، التي بدأت في الظهور في القرن التاسع عشر، مثل: القادرية، والتجانية، والمريدية. كانت هذه الطرق تعمل على تعليم الشريعة والتربية الروحية والسلوكية. وكان أغلبهم مالكيين مذهبًا وأشعريين عقيدة، ومن بين الأوائل الذين أدخلوا الإسلام إلى المنطقة عبد الله بن ياسين، الذي كان مالكيًّا أشعريًّا ودرّس وفقًا لهذين المذهبين.

خلال مناقشتي مع علماء السنغال، علمت أنهم يهتمون بتعلم العقيدة الأشعرية، ويقدمون للطلاب مؤلفات ذات قيمة عالية مثل "الإبانة عن أصول الديانة" للإمام أبي الحسن الأشعري، و"التقريب والإرشاد" لأبي بكر الباقلاني، و"العقيدة الصغرى" للسنوسي، و"المرشد المعين" لابن عاشر المغربي، و"جوهرة التوحيد" لإبراهيم اللقاني، و"إضاءة الدجى في اعتقاد أهل السنة" لأحمد المقري، وغيرها

من كبار العلماء السنغاليين الذين أسهموا في هذا الإطار في القرن العشرين، كان سماحة شيخ الإسلام العلامة المجدد الحاج إبراهيم نياس الكولخي، الذي قام بتوجيه رسائل لتلامذته حول أهمية دراسة العقيدة الأشعرية، وأخرى إلى غير المسلمين لتوضيح العقيدة الإسلامية الصحيحة. من بين رسائله البارزة كانت تلك التي أرسلها إلى رئيس أساقفة مدينة تييس السنغالية في السبعينيات، حيث أكد فيها على توحيد الله تعالى واعتقاد المسلمين بكونه "الصمد" الذي لا يُشبهه شيء.

خلال فترة حياة الشيخ، انتشرت الطريقة التيجانية في السنغال، وأصبحت معظم البلاد الأفريقية والبلدان المجاورة غارقة في هذه الطريقة، حيث تُرى آثارها في كل قرية ومسجد وزاوية ذهبت أنا وصادق نوراني إلى السنغال للمشاركة في مؤتمر دولي لاتحاد علماء أفريقيا، نيابة عن والدنا الكريم، فضيلة الشيخ أبي بكر حفظه الله. بعد أن سمعوا عن نشاطات الشيخ أبي بكر وخدماته الدينية، أعربوا عن إعجابهم وعزموا على زيارة الهند ولقائه. وحصلنا على فرصة ذهبية لملاقاة بعض العلماء الأفارقة، وتبادلنا معهم الحديث عن فعالياتهم في مجال الدعوة الإسلامية. وعرضنا عليهم أساليب دعوتنا في الهند ومنهج جامعتنا، وطلبوا منا المساعدة في هذا الميدان وحصلت أيضا فرصة لتقديم الورقة في المؤتمر في موضوع "أن أقيموا الدين ولا تفرقوا"نص مقالتي


نص مقالتي 

 

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله الذي وفق لنا للمشاركة في هذ الموتمر الدولي المبارك بحضور كبار الشخصيات المتخصصين في مختلف المجالات ،علميا واجتماعيا وثقافيا وروحيا ،والصلاة والسلام علي من حث ورغب وعمل علي توحيد صفوف الأمة الإسلامية، وحذر علي تفريق بناءها وبرجها ،سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وعلي اله وصحبه الذين وقفوا في نشر الإسلام  كالبنيان  المرصوص

 اما بعد: فأصحاب الفضيلة والسعادة والسماحة وأيها الحفل الكريم,

 اولا: ارفع الشكر والفرح والسرور الي سماحة  ," الشيخ محمد الماحي الشيخ أبراهيم نياس خليفة" , نيابة عن مفتي الديار الهندية ومؤسس جامعة مركز الثقافة السنية, وأمين عام لجمعية علماء أهل السنة بعموم الهند  فضيلة الشيخ أبي بكر أحمد 

نحن اهل الهند مسرور جدا علي تحصيل هذه الفرصة ونعتبرها جسرا علميا بينكم وبين الهند خاصة بين جامعتنا والهند كماهو معلوم لدي الجميع اول بلد وصل فيه الاسلام لأن نبي الله آدم عليه السلام نزل من الجنة إلي الهند القديم وذكر زين الدين المليباري في كتابه المشهور" فتح المعين" وحج ادم من الهند ماشيا أربعين حجا ،

 علماءنا الأفاضل ،

وهذ الموتمر الذي يجري تحت رعاية السامية لسماحة الخليفة الشيخ محمد الماحي نياس حفظه الله ورعاه تحت شعار" أن أقيمو الدين ولا تفرقوا 'يستحق الإشادة والثناء وكل الاحترام خاصة في هذه الحالة الأليمة اللتي تتعرض الأمة المسلمة  في أنحاء العالم لعدم اتحادهم قلبا وقالبا  ثانيا:خصص الله ايات كثيرة اللتي تنادي باعلي صوتها علي أهمية اتحاد للأمة 

وعلي رئسها:١) (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُم أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مّنْهَا كَذلِكَ يُبَيّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءايَـاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران:103

٢) (وَإِنَّ هَـاذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَتَّقُونِ) [المؤمنون:51].

٣) (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات:10]، 

 ٤) (فَتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ) [الأنفال:1]

فهذه الأدلة تأمر المسلمين بالأخذ بكل ما يزيد المحبة بينهم، والنهي عن كل ما يولد البغضاء في صفوفهم، وتأمرهم صراحة بأن يكونوا إخوة، ولا يمكن للمسلمين أن يكونوا إخوة إلا إذا كانوا متحدين، فإن الأخوة ضد الفرقة والاختلاف

 ومن أساليب الشريعة في الحث على الوحدة بين المسلمين: تحذير الشريعة من الشذوذ ومفارقة الجماعة، ففي سنن الترمذي عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِينَا، ثم ذكر خطبة جاء فيها: "عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنْ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمْ الْجَمَاعَةَ، مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ، فَذَلِكُمْ الْمُؤْمِنُ"

والإسلام دين الناس جميعاً وقد أمر الله بإبلاغه للناس كافة وذلك لا يتم إلا بقوة والقوة تقوم على الإيمان والاتحاد لذا أمر الله المؤمنين جميعاً بالتمسك بدينه , والاتحاد , وعدم التفرق فقال ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) آل عمران/103 .والفرقة , والاختلاف , والتنازع سبب لهزيمة الأمة , وزوالها كما قال سبحانه : ( وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ) الأنفال

والوحدة والاجتماع أصل من أصول الدين الإسلامي ومظاهر الوحدة في الشريعة الإسلامية كثيرة فالرب واحد والكتاب واحد والنبي واحد والدين واحد والقبلة واحدة والأمة واحدة 

 وفي الوحدة إيجابيات 

١)تُساعد الوحدة بين المسلمين في المجتمع الإسلامي على مواجهة التحديات

٢)تُعتبر الوحدة الطريق للتحرر من التبعية الفكريةوالحضارية.

٣)تُقدم الوحدة النموذج الإسلامي السليم والصحيح للمسلم الحضاري.

٤)تُبين الوحدة الآثار العظيمة للإسلام على نفسية المسلم؛ إذ يمنحه القوة والعزة.

٥)تُساعد على تشكيل حضارة إسلامية حقيقية معبرة عن المجتمع الإسلامي الصحيح.

٦)تحقيق الألفة، والعدالة، والمحبة، والتعاون، والإخاء، ممّا يزيد من الترابط في المجتمع الإسلامي.

٧)المحافظة على التراث الثقافي واللغةالعربيةواستمرارها.

٨)القضاء على العصبية القبلية.

٩تقوية المسلمين، ورفع روحهم المعنوية، فإنّ يد الله مع الجماعة.

 ١٠)إخافة الأعداء وإلقاء الرعب في قلوبهم

 تحقيق الوحدة بأمور منها

يُمكن تحقيق الوحدة بين المسلمين من خلال عدّة خطوات ، 

١)تجاهل الخلافات المذهبية، والتركيز على النقاط المشتركة.

١)تأدية الواجبات والفروض، ومنها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم.

٣)إعداد محاضرات ومؤتمرات تدعو إلى وحدة المسلمين، وتناقش أهميتها، والطرق إلى تحقيقها.

٤)الاهتمام بالناشئيين فهو جيل المستقبل 

٤)وعدم نشر الخلافات في التواصل الاجتماعي

٥)ومعرفة مناهج العلماء وخلفيتهم

٦)تحقيق الأمور با المشاورة

٧)اتخاذ العفو سبيلا مهما

٨)إعطاء كل ذي حق حقه

٩)اتخاذ الإجراءات بعد التحقيق والااستفسار

١٠)جعل حسن الخلق طبيعة وإذا حققنا هذه الأمور نكون مصداقا لقوله تعالي محمد رسول الله والذين معه أشداء علي الكفار رحماء بينهم 

وبهذا القدر اختتم هذه المحاضرة

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 ا/عبد الله الثقافي البلنوري

 مدير كلية أصول الدين/جامعة مركزالثقافة السنية

نيابة عن مفتي الديار الهندية فضيلة الشيخ ابوبكر احمد

إرسال تعليق

0 تعليقات