الاعجاز في لفظ" التجارة والبيع"


 • إشارات علميةفي لفظ "التجارة والبيع"

فقد ذكر الله تعالى التجارة في كتابه العزيز وجاءت معانيها على ستة أنحاء:

الأول: تجارة غزاة المجاهدين بالروح والنفس والمال: {هَلْ أَدُلُّكمْ على تِجَارَةٍ

: تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} إِلى قوله: {بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُم}.

الثاني: تجارةُ المنافقين فى بَيْع الهدى بالضَّلالة: {اشتروا الضلالة بالهدى فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ}.

الثالث: تجارة قراءَة القرآن: {إِنَّ الذين يَتْلُونَ كِتَابَ الله} إِلى قوله: {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}

: الرّابع: تجارة عُبّاد الدّنيا بتضييع الأَعمار، فى استزادة الدرهم والدّينار: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا} .

الخامس: في معاملة الخَلْق بالبيع والشِّرَى: {إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ} .

السّادس: تجارة خواصّ العباد بالإِعراض عن كلّ تجارة دنيويّة: {رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ الله} .

وهى لغةً: التَّصرّف فى رأْس المال؛ طلباً للرّبح. تجَر يَتْجُرُ فهو

: فهو تاجر. والجمع تَجْر - كصاحب وصَحْب - وتُجّار وتِجَار

معني التجارةو..

ان للتجارة في القرآن معنيين اثنين هما: المعنى الحقيقي و المجازي. فالتجارة بمعناها الحقيقي أمر واضح و ملموس , و أما النوع المجازي فقد يغفله كثير من التجار , إذ أنها التجارة مع الله تعالى مع عرض السلع المتنوعة من ذكر و صلاة و إنفاق بالمال و النفس في سبيل لله  

• ١) حكمة ذكرالبيع بعد التجارة في قوله تعالي "تجارة ولابيع عن ذكر الله" "النور٣٧ "

• ذكر البيضاوي عددًا من الأجوبة عن سبب ذكر البيع بعد التجارة، منها:

1 ـ أن ذكر البيع مبالغة في التعميم إن أريد بالبيع مطلق المعاوضة.

2 ـ إفراد ما هو الأهم من قسمي التجارة، فإن الربح يتحقق بالبيع، ويُتوقَّع بالشراء.

3 ـ وقيل المراد بالتجارة الشراء؛ لأنه أصلها، ويكون البيع مقابل الشراء. 

قال بعض العلماء

جاء تخصيص التجارة بالذكر لكونها أقوى الصوارف عندهم عن الصلاة والطاعات، فجاء ذكر النوع العام الذي يشتمل على أفراد متنوعة، أي لا يشغلهم نوع من أنواع التجارة ولا فرد من أفراد البياعات، وإن كان في غاية الربح، وإفراده بالذكر مع اندراجه تحت التجارة للإيذان بإنافته على سائر أنواعها، لأن ربحه متيقن ناجز، وربح ما عداه متوقع، فلم يلزم من نفي إلهاء ما عداه نفي إلهائه، ولذلك كررت كلمة لا، لتذكير النفي وتأكيده، وهذا يكون من باب ذكر الخاص بعد العام، كما في قوله تعلى: (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) [الرحمن:68] وكقوله تعالى: (مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) [البقرة:98]، فالنخل والرمان من الفاكهة، وجبريل وميكال من الملائكة. و نقل عن الواقدي أن المراد بالتجارة هو الشراء، لأنه أصلها ومبدؤها، اطلاقاً لاسم الجنس على النوع.

وقيل هو الجلب لأنه الغالب فيها، ومنه يقال تجَر في كذا أي جلبه. أي لا تشغلهم تجارة في السفر، ولا بيع في الحضر

. تفسير ابو السعود والنسفي  والبغوي

٢) وقال البعض

أما مادة افتراق التجارة عن البيع فصور عديدة:

منها: ان يتاجر بالمصالحة بدل البيع بان يكون استرباحه بالمصالحة على ما يملكه الغير بمبلغٍ بدل البيع والشراء، ولعدوله عن البيع إلى المصالحة وجوه: منها انه يغتفر فيهما لا يغتفر في البيع من الجهالة، ومنها ان بعضهم رأى ان الربا لا يدخلها، خلافاً للمنصور، ومنها انه لا تجري فيها العديد من الخيارات كخيار المجلس وخيار الحيوان فانها مختصة بالبيع.

ومنها: ان يتاجر بالهبة المعوضة إذا اتخذها تجارة.

ومنها: التجارة بالمضاربة، فانها تجارة وليست بيعاً لبداهة ان المضاربة ليست بيعاً، غاية الأمر ان المضارب قد يستثمر المال في تجارة وقد يستثمره في إجارة أو غيرها.

منها: ما لو باع بلا ربح أبداً، فانه بيع وليس تجارة.

ومنها: الخباز فانه يبيع الخبز ولا يطلق عليه انه يتاجر به ولا انه تاجر.

ومنها: العطار والبقال وأشباههما فانه بائع وليس بتاجر، نعم لو وسّع محلاته فقد يدخل في عنوان التاجر أيضاً.

٣) ومادة اجتماعهما: التاجر الذي يبيع بالجملة ليربح أرباحاً كثيرة (أو قليلة).

ومن جهة أخرى: فان هناك من العقود ما ليس ببيع ولا تجارة وذلك كالإجارة وكالهبة المعوضة، اللهم إلا إذا جعل تجارته بالهبات المعوضة كما ان البعض يفعل ذلك تهرّباً من بعض شرائط البيع..

٤) حكمة ذكر التجارة قبل اللهو في قوله تعالي

وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين) (آخر سورة الجمعة)

٥) حكمة تقديم لفظ التجارة علي اللهو

لم قدمت التجارة على اللهو أولاً فقال: (وإذا رأوا تجارة أو لهواً) وأخرها عنه بعد فقال: (خير من اللهو ومن التجارة)

والجواب والله أعلم أن سبب تقديم التجارة على اللهو في قوله تعالى: (وإذا رأوا تجارة أو لهواً) أنها كانت سبب الانفضاض ذلك أنه قدمت عير المدينة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، وكان من عرفهم أن يدخل بالطبل والدفوف والمعازف عند قدومها فانفض الناس إليها ولم يبق في المسجد إلا اثنا عشر رجلاً فأنزل الله قوله: (وإذا رأوا تجارة .

فقدمها لأنها كانت سبب الانفضاض وليس اللهو، وإنما كان اللهو والضرب بالدفوف بسببها فقدمها لذلك. ولهذا أفرد الضمير في (إليها) ولم يقل (إليهما) لأنهم في الحقيقة إنما انفضوا إلى التجارة وكان قد مسهم شيء من غلاء الأسعار 

٦)حكمة الضمير با"اليها"

جاء في (روح المعاني): "واختبر ضمير التجارة دون اللهو، لأنها الأهم المقصود، فإن المراد ما استقبلوا به العير من الدف ونحوه. أو لأن الانفضاض للتجارة مع الحاجة إليها والانتفاع بها إذا كان مذموماً، فما ظنك بالانفضاض إلى اللهو وهو مذموم في نفسه

٧) وأما تقديم اللهو عليها فيما بعد في قوله تعالى: (قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة) فذلك لأن اللهو أعم من التجارة، فليس كل الناس يشتغلون في التجارة ولكن أكثرهم يلهون. فالفقراء والأغنياء يلهون، فكان اللهو أعم فقدمه لذلك إذ كان حكماً عاماً فقدم التجارة في الحكم الخاص لأنها في حادثة معينة وقدم اللهو في الحكم العام لأنه أعم

حكمة تكرير لفظ "من"

٨)وكرر (من) مع اللهو ومع التجارة فقال تعالى: (خير من اللهو ومن التجارة) ليؤذن باستقلال الأفضلية لكل واحد منهما لئلا يتصور أن الذم إنما هو لاجتماع التجارة واللهو، فإن انفراد اللهو أو التجارة خرج من الذم، فأراد أآن يبين ذم كل منهما على جهة الاستقلال لئلا يتهاون في تقديم ما يرضي الله و تفضيله. ونحو ذلك، أن تقول: (الأناة خير من التهور والعجلة) فإن ذلك قد يفهم أنها خير من اجتماعهما، ذلك لأن اجتماعهما أسوأ من انفرادهما فإن الذي يجمع التهور والعجلة أسوأ من اتصف بإحدى الخلتين. فإن قلت: (الأناة خير من التهور ومن العجلة) أفاد استقلال كل صفة عن الأخرى، وأنها خير من أية صفة منهما، فإن اجتمعتا كان ذلك أسوأ. فجاء بـ (من) ليؤذن باستقلال كل من اللهو والتجارة وأنه ليس المقصود ذم الجميع بين الأمرين بل ذم وتنقيص كل واحد منهما، بالنسبة إلى ما عند الله.


إرسال تعليق

0 تعليقات