صوت اهل السنة الشيخ إي. كيه. حسن مسليار رحمه الله

 


"القرآن يأمرنا بأن نتصدق بما نحب. وأحبّ شيءٍ إليّ هو جسدي، وقد وهبته للدعوة."

هذه الكلمات الخالدة قالها الشيخ الراحل إي. كيه. حسن أستاذ، وكانت حياته تطبيقًا عمليًا لها بكل ما تعنيه الكلمة.

كان منارة نورٍ في دروبٍ موحلةٍ بالمحن، وجبلًا راسخًا في وجه البدع وأصحاب الفكر المنحرف. اسمه وحده كان كابوسًا لهؤلاء، وأعماله كانت مشاعل نور تعزز منهج أهل السنة والجماعة.

تحمل صعابًا جسامًا دون دعم مادي أو مؤسسات أو شهرة، وسار على الأقدام كيلومترات لبناء دعائم الدين في مناطق لا يعرف فيها الناس شيئًا عن السُّنة.

إيمانه الراسخ، وإخلاصه، وثباته، ورفضه للرياء والمغريات، كل ذلك جعله من أعظم أعلام الدعوة السُّنية في كيرالا، حتى أن البعض يشك في وجود عالم آخر كان له مثل هذا الأثر في الفكر والمجتمع.

مولده وتعليمه:

ولد عام 1926 في قرية "بارمبلكاداڤ" التابعة لمنطقة كاليكوت، لعائلة علم وصوفية عريقة. والده العالم الصوفي كوياتي موسليار، ووالدته فاطمة بيبي. كان له إخوة كبار مثل شمس العلماء إي. كيه. أبو بكر موسليار، إي. كيه. عمر القادري، وإي. كيه. عثمان موسليار.

بدأ تعليمه عند والده في مسجد بوليكال تشيلور، حيث خدم طويلًا بلا راتب. تعلم منه إلى أن أكمل "فتح المعين". ثم واصل دراسته تحت كبار العلماء مثل شمس العلماء إي. كيه. أبو بكر موسليار، وأبو بكر موسليار من كوتومالا، وغيرهم في مناطق متفرقة.

في عام 1953، التحق بكلية "باقيات الصالحات" في فيلّور لمواصلة دراسته العليا، وهناك ظهر كخطيب ومفكر بارع منذ شبابه.

جهوده العلمية والدعوية:

ألف خمسة كتب، أبرزها:

"الرسل الكاذبون" ردًا على المودودي

"دلائل السنية" (كتاب مرجعي لعلماء السنة - لم يكتمل)

ترجم "الفجر الصادق" للعربية لمجلة "سبل السلام"

أدار مجلات: "السني تايمز"، "سني فويس"، وأصدر مجلة خاصة: "الجلّال"

درّس في عدة مناطق: إيات، أوروليكنو، بوتّوبّادام، إيرمبوتشولا، وأخيرًا في بوتّوبادام حيث استقر وأسس فيها مركزًا رئيسًا له، ودرّس فيه أكثر من 60 طالبًا بانتظام.

كان صارمًا في المبادئ، محبًا لتلاميذه كأبنائه، يعاملهم بالحب والحزم معًا. وقد تخلى عن كثير من الأماكن حين تعرّض طلابه للضغط أو الأذى.

عُرف بشخصيته الفذة، يستطيع الرد على خصومه فجأةً، وكأن الوحي يلهمه الحقائق دون مراجعة كتب، وكان مع ذلك لا يجد وقتًا للراحة أو حتى للاغتسال المنتظم.

من مواقفه اللافتة أنه حين اضطر لترك دَرْسٍ في "إيرمبوتشولا"، باع منزله وأرضه في "بوتّوبادام" ليستأجر مكانًا لمواصلة التدريس هناك!

دوره القيادي في S.Y.S:

انخرط منذ بداياته في أنشطة رابطة شباب السنة S.Y.S، وكان في وقت وفاته رئيسها على مستوى الولاية. تولّى هذا المنصب عام 1977 خلفًا للشيخ بَابُو موسليار، ثم أعيد انتخابه عام 1980 بالإجماع.

قاد الحركة في مواجهة الافتراءات والدعايات المغرضة، وكان يقف على المنابر بلا خوف، يرد على المخالفين بالأدلة والبراهين دون أي تهاون.

مواقفه في المناظرات:

كانت له مواقف مشهودة في الرد على دعاة البدعة، مثالًا على ذلك:

حين قال أحدهم إن الزكاة تجب في كل ما ينبت، سأله الشيخ:

"هل تنطبق على اللحية أيضًا؟"

فأربكه تمامًا!

كان يُبهر القضاة والمحامين في المحاكم بدقة استشهاداته، ويقلب الموازين بكلمة أو جملة واحدة.

كان يستحضر النصوص من ذاكرته مباشرة دون كتب أو أوراق. من أشهر المناظرات التي خاضها كانت في: كورككوجي، كودياتّور، نندي، وغيرها.

زهده وتواضعه:

لم يطلب شيئًا لنفسه، لا سيارة ولا أجرًا. كانت الحياة بسيطة إلى أقصى حد. بنا بيته بيده دون مساعدة أحد. وكان يكثر من الصلاة على النبي ﷺ.

كان مرتبطًا روحيًا بسيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه، وتلقى الطريقة القادرية من الشيخ سيراج الدين العيلكادي.

وفاته:

بعد معاناة مع مرض السرطان، انتقل إلى رحمة الله يوم 14 أغسطس 1982م (25 شوال 1402هـ). ودفن في المقبرة التي تضم والده وغيره من أهل بيته.

إرسال تعليق

0 تعليقات