كاليكوت/كيرلا/الهند
القي فضيلة الشيخ حبيب سالم بن حفيظ، العالم والداعية الإسلامي البارز، محاضرة قيمة في جامعة مركز الثقافة السنية الإسلامية في كيرلا، الهند، موجهة إلى خريجي هذا العام، تحت عنوان "نصيحة للخريجين". استهل الشيخ حديثه بتسليط الضوء على الوظائف الثلاثة العظمى التي بعث الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم، كما ورد في قوله تعالى: "هو الذي بعث في الأميين رسولًا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة". وأكد أن هذه الوظائف - التلاوة، التزكية، والتعليم - تشكل الأساس الذي ينبغي لكل مسلم أن يركز عليه لتحقيق النجاح في الدنيا والآخرة.
وتابع فضيلته قائلا أن "التلاوة" تعني التبليغ والدعوة إلى الله، وهي دعوة قائمة على اللطف وحسن التعامل مع الناس. و إن التبليغ الناجح لا يتحقق إلا بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، مستشهدًا بقوله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة". وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان النموذج الأعلى في ذلك، حيث تعامل مع الناس برحمة ورفق، حتى في أصعب المواقف. وأشار إلى قصة الرجل الذي طلب الإذن بالزنا من النبي صلى الله عليه وسلم، فبدل أن يوبخه أو يكرهه، خاطب النبي قلبه بعقلانية ولطف، ثم وضع يده على صدره فدعا له، مما أحدث تغييرًا جذريًا في نفسه.
ثم انتقل الشيخ إلى الحديث عن التزكية، مشيرًا إلى أهميتها في تطهير النفوس من الشوائب الظاهرة والباطنية، كما بيّن القرآن الكريم في قوله تعالى: "قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها". وأوضح أن التزكية ليست مجرد تطهير للظاهر، بل هي تطهير القلب والنفس من الحقد، والكبر، وسائر الأخلاق الذميمة. وذكر أن الآيات القرآنية تعطي الأولوية للتزكية لأنها الأساس الذي يبنى عليه الفلاح الحقيقي في الدنيا والآخرة. ودعا الخريجين إلى الاهتمام بتزكية أنفسهم والعمل على التحلي بالأخلاق الفاضلة التي ترتقي بهم في حياتهم العملية والدعوية.
أما الجانب الثالث، وهو التعليم، فقد أشار الشيخ إلى أنه يمثل نشر العلم الذي علمه الله، وأنه من أعظم الوظائف التي حظي بها النبي صلى الله عليه وسلم، مستشهدًا بالحديث الشريف: "إنما بعثت معلمًا". لكنه شدد على أن العلم وحده لا يكفي، فالعلم يحتاج إلى تطبيق، ولا قيمة للعلم إذا لم يكن مقرونًا بالتزكية والتبليغ. واستشهد بقصة إبليس الذي كان أعلم من كثير من الخلق، لكنه لم يستفد من علمه لأنه لم يعمل به، بل كان سببًا في هلاكه.
وفي ختام المحاضرة، أكد الشيخ حبيب سالم أن العلماء والدعاة هم ورثة الأنبياء، لكن الوراثة لا تكون مكتملة إلا بالجمع بين الوظائف الثلاث: العلم، التزكية، والتبليغ. فمن يمتلك العلم فقط دون تزكية ودعوة لا يمكن أن يكون كاملًا في وراثة النبي صلى الله عليه وسلم. وأشاد الشيخ بالنماذج التي جمعت بين هذه الفضائل، مشيرًا إلى فضيلة الشيخ أبو بكر أحمد، مدير الجامعة، كنموذج بارز لمن استطاع الجمع بين العلم والتزكية والتبليغ، داعيًا الخريجين إلى الاقتداء بمثل هذه الشخصيات.
وختم الشيخ كلمته بتوجيه دعوة للخريجين للاستمرار في طلب العلم والعمل على تزكية أنفسهم ودعوة الآخرين بالحكمة والموعظة الحسنة، ليكونوا سفراء للإسلام في مجتمعاتهم، وليساهموا في بناء عالم يسوده الخير والسلام
0 تعليقات