تقدمت الساحة الطبية في العصر الحديث تقدما ملحوظا. إثر هذا التقدم شهد العالم والبشرية حلولا طبية متنوعة التي انقذت ملايين الأرواح فجعلت صحة الكثيرين على شكل حسن. ومن أعجبها:
أجهزة الاستنشاق الذكية , لمساعدة المصابين بالربو على إدارة حالتهم بشكل أفضل. تم تطوير أجهزة الاستنشاق الذكية التي تعمل بتقنية البلوتوث حيث يقوم الجهاز بتسجيل تاريخ ووقت كل جرعة. ثم يتم إرسال هذه البيانات إلى الهواتف الذكية للمرضى حتى يتمكنوا من تتبع حالتهم.
الجراحة الروبوتية ، تستخدم الجراحة الروبوتية في العمليات الجراحية البسيطة وتتميز بدفتها ومرونتها. خلال الجراحة الروبوتية يمكن للجراحين إجراء عمليات معقدة للغاية والتي تكون عادة إما صعبة للغاية أو مستحيلة. وفي حين أن الاختراع يثير مخاوف من أنه سيحل محل الجراحين البشريين في نهاية المطاف، فمن المرجح استخدامه فقط لمساعدة وتعزيز عمل الجراحين في المستقبل.
أجهزة استشعار الدماغ اللاسلكية ، بفضل المواد البلاستيكية. سمحت التطورات الطبية للعلماء والأطباء بالعمل كفريق وإبداع إلكترونيات ضوئية يمكن وضعها في الدماغ وتذويبها عند الانتهاء منها. ووفقا لموقع بلاستيك توداي الإلكتروني، فإن المستشعرات تقلل من الحاجة إلى عمليات جراحية إضافية.
الطباعة ثلاثية الأبعاد. سرعان ما أصبحت الطابعات ثلاثية الأبعاد واحدة من أهم التقنيات في السوق. يمكن استخدام هذه الطابعات لإنشاء غرسات وحتى مفاصل لاستخدامها أثناء الجراحة. تزداد شعبية الأطراف الصناعية المطبوعة بهذه التقنية بفضل وظائفها الرقمية التي تمكنها من مطابقة قياسات الفرد وصولا إلى المللي ميتر. ويمكن أن يؤدي استخدام الطابعات إلى إنشاء عناصر طويلة الأمد وقابلة للذوبان. على سبيل المثال يمكن استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لطباعة الأقراص التي تحتوي على أدوية متعددة، والتي ستساعد المرضى في تنظيم وتوقيت ومراقبة الأدوية المتعددة.
الأعضاء الاصطناعية تعد الطباعة الحيوية أيضا تقنية طبية ناشئة. على الرغم من أنها تقنية رائدة إلا أنها قادرة على تجديد خلايا الجلد لدى ضحايا الحروق. وقد تمكن العلماء من تكوين أوعية دموية ومبيضين وبنكرياس. تنمو هذه الأعضاء الاصطناعية داخل جسم المريض لتحل محل العضو الأصلي. وقد تكون القدرة على توفير أعضاء اصطناعية لا يرفضها الجهاز المناعي للجسم تقنية ثورية، يمكن أن تنقذ ملايين المرضى الذين يعتمدون على عمليات الزرع المنقذة للحياة كل عام.
أجهزة قابلة للارتداء ازداد الطلب على الأجهزة القابلة للارتداء في السنوات القليلة الماضية منذ إصدار البلوتوث في عام 2000. يستخدم الناس اليوم هواتفهم لتتبع كل شيء ابتداء من خطواتهم ولياقتهم البدنية ونبضات القلب وأنماط النوم. يترافق تطور هذه التقنيات القابلة للارتداء مع ارتفاع الأمراض المزمنة مثل مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، ويهدف إلى مكافحتها من خلال مساعدة المرضى على مراقبة لياقتهم وتحسينها.
في بدايات عام 2019 تصدرت شركة آبل قائمة الشركات التي تصنع أجهزة قابلة للارتداء، وأهمها الأجهزة التي يمكنها اكتشاف أمراض القلب في وقت مبكر.
الطب الدقيق. يسمح الطب الدقيق للأطباء باختيار الأدوية والعلاجات لأمراض مثل السرطان على أساس التركيب الجيني للمريض، إذ تكون هذه الأدوية أكثر فاعلية بكثير من الأنواع الأخرى من العلاج لأنه يهاجم الأورام بناء على الجينات الخاصة بالمريض. يمكن أيضا استخدام الأدوية الدقيقة لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي، إذ يستخدم آلية لمهاجمة الجينات المعرضة للمرض لإضعافه وتقليل الأعراض وتلف المفاصل.
تقنية الواقع الافتراضي. مع التقدم الطبي والتكنولوجي تمكن طلاب الطب من الاقتراب من تجربة الحياة الحقيقية باستخدام التكنولوجيا. الأدوات المتطورة تساعدهم على اكتساب الخبرة التي يحتاجون إليها من خلال التدرب على الإجرائات وتوفير فهم بصري لكيفية اتصال التشريح البشري. تعمل أجهزة الواقع الافتراضي أيضا كأداة مساعدة كبيرة للمرضى حيث تساعد في التشخيص وخطط العلاج وإعدادهم للإجرائات التي يواجهونها. وقد أثبتت أيضا أنها مفيدة جدا في إعادة تأهيل المرضى وتعافيهم.
الرعاية الصحية عن بعد. في عالم تحركه التكنولوجيا من المعتقد أن ما يصل إلى 60 % من العملاء يفضلون الخدمات الرقمية، بدلا من انتظار المواعيد وجها لوجه مع الطبيب. على سبيل المثال يتم تطوير تطبيقات الأجهزة المحمولة التي تسمح للمرضى بالتحدث مع الأطباء وغيرهم من المهنيين الطبيين لتلقي التشخيص الفوري والمشورة الطبية. تمنح الرعاية الصحية عن بُعد نقاط وصول مختلفة إلى الرعاية الصحية متى وأينما احتاج المريض إليها. إنها مفيدة بشكل خاص للمرضى الذين يعالجون الحالات المزمنة حيث يوفر لهم رعاية متسقة ومريحة وفعالة من حيث التكلفة. من المتوقع أن تصل قيمة سوق الرعاية الطبية العالمي عن بعد إلى 113.1 مليار دولار بحلول عام 2025.
تقنية كريسبر. تعتبر تقنية كريسبر من أكثر تقنيات تحرير الجينات تقدما حتى الآن. وتعمل عن طريق تسخير الآليات الطبيعية للجهاز المناعي لخلايا البكتريا للفيروسات الغازية، والتي يمكنها بعد ذلك قطع شرائط الحمض النووي المصابة، الأمر الذي يغير الطريقة التي يمكننا عبرها علاج المرض. عن طريق تعديل الجينات يمكن التغلب على بعض من أكبر الأخطار التي تهدد صحتنا مثل السرطان وفيروس نقص المناعة البشرية في غضون سنوات.
قال تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ﴾ ومن هذه العمليات الطبية المؤثرة إيجابيا وسلبيا في الشريعة عملية زرع الأعضاء مع جميع أنواعها. وفي الحقيقة هذه القضية بالنسبة إلى الفقهاء القدماء ليست وليدة اليوم لأنهم بحثوا عن أنواعها وإمكانياتها وتأثيرها في الشريعة صحة وفسادا لأنهم حمات الدين. قول بعض المعاصرين بأن عملية زرع الأعضاء وأمثالها جديدة ليست في كتب التراثي إشارات إلى هذه مردودة لعدم اطلاعهم على الكتب التراثية. وكيف يكون هذا الدعوى صحيحا؟ نجد في كتب الأئمة بحثا وحكما عن زرع أنف وسن وأنملة صناعي وعن وصل عظم الحيوانات إلى الإنسان كما يأتي نص عباراتهم. وجدير بالذكر أن قصة رد عين قتادة نوع من هذا، وهو أول زرع فعل به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما عده بعض فقهاءالشافعية. وأيضا أن بعض الأئمة عندما قطع عضوهم وضعوا عضوا صناعيا كالإمام الزمخشري حينما قطع رجله وضع رجل من خشب وكان إذا مشى ألقى عليها ثوبا طويلا فيظن من يراه أنه أعرج كما قال ابن خليكان.[ ١]
وذكر ابن قتيبة الدينوري في ترجمة خلف بن خليفة أنه كان أقطع اليد وله أصابع من جلود. ذكر بعضهم أنه من صغار التابعين لكونه ذكر أنه رأى عمرو بن حارث رضي الله عنه.[ ٢ ] واتخذ أولا في تاريخ النبوي أنفا من المعدن هو رجل من الصحابة اسمه عرفجة بن أسعد بوصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود في الخاتم والترمذي في اللباس والنسائي في الزينة. وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن أبي ابن سلول قال اندقت ثنيتي يوم أحد فأمرني النبي أن أتخذ ثنية من ذهب. رواه ابن قانع في معجم الصحابة. وفي مسند أحمد عن واقد ابن عبد الله التميمي عمن رأى عثمان بن عفان أنه صبب أسنانه بذهب. عبد الرحمن بن أبي سليل مولى موسى بن طلحة قال: رأيت موسى بن طلحة بن عبيد الله قد شد أسنانه بالذهب. وشد عبد الملك بن مروان أسنانه بذهب. طبقات بن سعد في ترجمة عبد الملك بن مروان.
وقد ذكر الفقهاء منذ أزمنة قديمة استخدام عضو الحيوان لتوصيل العظام. قال الإمام النووي: ولو وصل عظمه بنجس لفقد الطاهر فمعذور، وإلا وجب نزعه إن لم يخف ضررا ظاهرا. وقيل وإن خاف، فإن مات لم ينزع على الصحيح.[ ٣ ] وعلق الإمام الشربيني على ذلك بقوله: (ولو وصل عظمه) لانكساره مثلا واحتياجه إلى الوصل (بنجس لفقد الطاهر) الصالح للوصل أو وجده، وقال أهل الخبرة: إنه لا ينفع ووصله بالنجس (فمعذور) في ذلك فتصح صلاته معه للضرورة..... وظاهر هذا أنه لا فرق بين الآدمي المحترم وغيره. وهو كذلك.[٤ ]
وذكر القزويني: أن من خواص عظم الخنزير أنه يوصل بعظم الإنسان ويلتئم سريعا ويستقيم من غير اعوجاج!![٥ ] وأيضا وقد ورد في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: إذا سقط سن جاز أن يردَّ بدلها سنا من حيوان مذكي.[٦ ] قال عبد الحميد الشرواني: فيجوز للرجل الوصل بعظم الأنثى وعكسه ثم ينبغي أنه لا ينتقض وضوئه ووضوء غيره بمسه وإن كان ظاهرا مكشوفا ولم تحله الحياة لأن العضو المبان لا ينتقض الوضوء بمسه إلا إذا كان من الفرج وأطلق عليه اسمه.[٧ ]
قال بعض أصحاب الشافعي: للمضطر إذا لم يجد شيئا أن يأكل بعض أعضائه لأن له أن يحفظ الجملة بقطع عضو كما لو وقعت فيه الآكلة.([ ٨]) وقال الباجوري: وللمضطر أكل ميتة الآدمي إذا لم يجد ميتة غيره لأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت، إلا إن كان الميت نبيا فلا يجوز الأكل منه جزما لشرفه على غيره بالنبوة.([٩ ])
قال تاج الدين السبكي في ترجمة المزني بعد جزمه بأن الصحيح في المذهب أن المضطر يأكل لحم الآدمي الميت: قال إبراهيم المروروذي: إلا أن يكون الميت نبيا.[١٠ ] وإذا كان الأمر كذلك فكيف يكون قول بعض المعاصرين مقبولا؟
وفي حاشية الشرواني: (قوله كأن قال خبير ثقة إلخ) وفاقا للمغني وخلافا للنهاية عبارته ولو قال أهل الخبرة إن لحم الآدمي لا ينجبر سريعا إلا بعظم نحو كلب قال الإسنوي فيتجه أنه عذر وهو قياس ما ذكروه في التيمم في بطء البرء انتهى وما تفقهه مردود والفرق بينهما ظاهر وعظم غيره من الآدميين في تحريم الوصل به ووجوب نزعه كالعظم النجس ولا فرق في الآدمي بين أن يكون محترما أو لا كمرتد وحربي خلافا لبعض المتأخرين.[ ١١]
[ ١] وفيات الأعيان ٤/٩٥
[ ٢] عيون الأخبار ص١٩٢
[٣ ] منهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه ص31
[٤ ] مغني المحتاج 1/190
[٥ ] عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات ص 422
[ ٦] (حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1/63
[٧ ] حاشية الشرواني على تحفة المحتاج 2/126
[٨ ] الإقناع 4/313، وغاية المنتهي 3/369، المغني 9/417، مغني المحتاج 4/285، فتح الوهاب شرح منهج الطلاب 2/193، 194
[ ٩] حاشية الباجوري على شرح ابن قاسم 2/302
[ ١٠] طبقات الشافعية الكبرى 2/105
[ ١١] حاشية الشرواني 2/125
والباقي في المقالة الثانية
0 تعليقات