ما الحكم في إقامة صلاة الجمعة مرتين بإمامين مختلفين مع العلم أنه يوجد الكثير من الأماكن التي تقام فيها صلاة الجمعة فهل ضيق المكان أو غيره من الأسباب مسوغا لإعادة الجمعة في نفس المسجد مع العلم بوجود الخلاف بين الفقهاء رضي الله عنهم في مسألة تعدد الجمعة في البلد الواحد أرجو الإجابة المتأنية المدعمة بالأدلة وأقوال الفقهاء رضي الله عنهم
وقد كثر السؤال عن هذه القضية من اماكن مختلفة لذالك اريد ان احلل هذه المشكلة في ضوء الكتب التراثية خاصة يواجه بعض المسلمين في بلاد شتي عن اداء الجمعة في مسجد واحد لعدم وسعة المسجدولعدم مسجد اخر وهل يجوز لهم اداء الجمعة مرتين في مسجد واحد ام لا وقد افتي كثير من المعاصرين وبعض القدماء ايضا
بعدم جواز تعدد الجمعة مرتين في مسجد واحد لكن الامر الذي يفهم من كلام بعض الفقهاء القدامي اذا جاز التعدد فلا نظر في محل او محال او في مسجد او مسجدين كما تري عبارة الشرقاوي عن قريب
حكم تعدد الجمعة بلدا وبيتا ومسجدا
والاصل في هذ الموضوع والمقصود بالجمعة اجتماع المؤمنين كلهم وموعظتهم
وأكمل وجوه ذلك أن يكون في مكان واحد لتجتمع كلمتهم وتحصل الألفة بينهم وحصل ذلك لهذا المعنى مقدما في هذه الصلاة في هذا اليوم على حضور الجماعات في المساجد المتفرقة وعطلت لهذا القصد وإن كانت إقامة الجمعة فيها في غير هذه الصلاة من أعظم بل من أعظم شعائر الإسلام وهذا العمل مستمر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد وفي الجمعة ثلاثة مقاصد أحدها ظهور الشعار
والثاني الموعظة
والثالث تأليف بعض المؤمنين ببعض لتراحمهم وتوادهم ولما كانت هذه المقاصد الثلاثة من أحسن المقاصد واستمر العمل عليها وكان الاقتصار على جمعة واحدة أدعى إليها استمر العمل عليه وعلم ذلك من دين الإسلام بالضرورة وإن لم يأت في ذلك نص من الشارع بأمر ولا نهي ولكن قوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وقد أتانا فعله صلى الله عليه وسلم وسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده ومن محاسن الإسلام اجتماع المؤمنين كل طائفة في مسجدهم في الصلوات الخمس ثم اجتماع جميع أهل البلد في الجمعة ثم اجتماع أهل البلد وما قرب منها من العوالي في العيدين لتحصل الألفة بينهم ولا يحصل تقاطع ولا تفرق فالتفريق من المؤمنين من أضر شيء يكون فالاجتماع داع إلى اتفاق كلمة المسلمين والزيادة على الواحد لا ضبط لها فاقتصر على الواحدة وهذا في الجمعة لا يشق بخلاف بقية الصلوات جعلت في مساجد المحال فانظر إلى قوله تعالى وتفريقا بين المؤمنين كيف جعله من الصفات المقتضية لهدم مسجد الضرار
فصل وانقرض عصر الصحابة رضوان الله عليهم على ذلك وجاء التابعون فلم أعلم أحدا منهم تكلم في هذه المسألة أيضا ولا قال بجواز جمعتين في بلد إلا رواية عبد الرزاق عن ابن جريج قال قلت لعطاء أرأيت أهل البصرة لا يسعهم المسجد الأكبر كيف يصنعون قال لكل قوم مسجد يجمعون فيه ثم يجزئ ذلك عنهم قال ابن جريج وأنكر الناس أن يجمعوا إلا في المسجد الأكبر
هذا لفظ عبد الرزاق في مصنفه نقلته منه وفيه ما تراه من إنكار الناس ما قاله عطاء ومنه صورة المسألة التي سئل عنها عطاء فيما إذا كان المسجد لا يسعهم فليس فيه إجازة ذلك وفيه قول لكل قوم مسجد يجمعون فيه ثم يجزئ ذلك عنهم ولا شك أن ظاهر ذلك مخالف لسائر الناس فالرجوع إلى قول سائر الناس مع الصحابة جميعهم أولى ويصير مذهب عطاء في ذلك من المذاهب الشاذة التي لم يعمل بها الناس ويحتمل تأويله على أنه أراد أنهم يجمعون بالدعاء والموعظة من غير قصد الصلاة ويحتمل أن يريد أن إقامة جمعتين في بلد ليس بممتنع عند عدم إمكان الاجتماع في مكان واحد ونحن نزاعنا إنما هو في صحتها وإن علم سبق أحدهما ومسبوقية الأخرى ثم انقرض عصر التابعين رضي الله عنهم على ذلك ولم يتجدد فيه خلاف آخر من غير عطاء زيادة على ما ذكرناه من مذاهب الصحابة التي قدمناه
فتاوي السبكي
: قال السبكي رحمه الله في فتوى له بعنوان "الاعتصام بالواحد الأحد من إقامة جمعتين في بلد" وهي فتوى أطال فيها النفس جاء فيها: وأما تخيل أن ذلك يجوز في كل المساجد عند عدم الحاجة، فهذا من المنكرات بالضرورة في دين الإسلام. وبذا يعلم أن ما عليه الحال في أكثر البلاد الإسلامية من تعدد الجمع بشكل مذهل بلا حاجة أمر غير سوي
قال ابن حجر في تحفة المحتاج
فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلِّ الْبَعِيدِ كَذَلِكَ أَرْبَعُونَ صَلَّوْا الْجُمُعَةَ وَإِلَّا فَالظُّهْرَ وَالثَّانِي ظَاهِرٌ أَيْضًا فَكُلُّ فِئَةٍ بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ تَلْزَمُهَا إقَامَةُ الْجُمُعَةِ ( وَقِيلَ لَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ ) وَتُتَحَمَّلُ الْمَشَقَّةُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا لَمْ تَتَعَدَّدْ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ وَمِنْ ثَمَّ أَطَالَ السُّبْكِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ نَقْلًا وَدَلِيلًا ، ، وَقَالَ : إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَلَا يُحْفَظُ عَنْ صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيٍّ تَجْوِيزُ تَعَدُّدِهَا وَلَمْ تَزَلْ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَنْ أَحْدَثَ الْمَهْدِيُّ بِبَغْدَادَ جَامِعًا آخَرَ تحفة
لا يجوزُ تَعدُّدُ الجُمَع عند الشافعيَّة إلَّا إذا كبُر المحل، وعسر اجتماعُهم في مكانٍ، بأن لم يكن في محلِّ الجمعة موضعٌ يَسعُهم بلا مشقَّة، فيجوز التعدُّدُ للحاجة بحسبِها؛ لأنَّ الشافعيَّ رضي الله عنه دخل بغدادَ وأهلُها يُقيمون بها جمعتين، وقيل: ثلاثًا، فلم يُنكِرْ عليهم، فحَمَله الأكثرون على عُسر الاجتماع. يُنظر: ((المجموع)) للنووي (4/585، 591)، ((حاشية البجيرمي على شرح الخطيب)) (2/194، 195
ةالأصل أنه لا يجوز تعدد الجُمَعٍ في البلد الواحد إلا إذا دعت إلى ذلك حاجة، كبعد المسافة أو ضيق المسجد، أو خوف فتنة وعداة ومقاتلة أونحو ذلك مما يسوّغ للمصلين إقامة جمعتين أو أكثر،
صورالتعدد
الأول : هوإقامةُ الجمعة في البلد الواحد في مواضع شتى بالشروط المذكورة في الكتب الفقهية فهذا هو تعدد الجمعة
والثاني : هو إنشاء جمعة ثانية أو ثالثة بعد الجمعة الأولى في موضع واحد فهذا هو إنشاء جمعة بعد أخرى وان كان داخلافي تعدد الجمعة في الحكم ، فإما أن يكون صحيحا أو فاسدا كالتعدد، فهذا هو الفرق بين هذين الجمعتين ،
فقدجاء في مغني المحتاج للخطيب الشربيني الشافعي رحمه الله -مبينًا شروط صحة صلاة الجمعة-: "الثالث: أن لا يسبقها ولا يقارنها جمعة في بلدتها، إلا إذا كبرت أي البلدة وعَسُر اجتماعهم، في مكان، بأن لم يكن في محل الجمعة موضع يسعهم بلا مشقة، ولو غير مسجد، فيجوز التعدد للحاجة بحسبها".اهـ مغني المحتاج -1-4 (1 / 281)
وفي حاشية الامام ابن قاسم على الغرر البهية مانصه : ( قَوْلُهُ : يُؤَدِّي إلَى إنْشَاءِ جُمُعَةٍ ) أَيْ : وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ ذَلِكَ حَيْثُ جَازَ التَّعَدُّدُ كَأَنْ لَمْ يَصْلُحْ إلَّا مَكَانٌ وَاحِدٌ ، وَلَمْ يَسْمَعْ الْجَمِيعُ دَفْعَةً.اهـ حاشيةشرح البهجة الوردية - (3 / 31
قال الامام الشرقاوي في حاشية تحفة الطلاب على تحرير تنقيح الطلاب1/562 : واعلم أنّه اذا تعددت الجمعة لحاجة بأن عسر إجتماع بمكان جاز التعدد بقدرها وصحت صلاة الجميع على الأصح ..... فيجتمع الناس بمحلّ أو محالّ بقدر الحاجة ، ويصلون جمعة أو جمعتين مثلاً. اهـ
جاء في [مغني المحتاج] للخطيب الشربيني الشافعي رحمه الله -مبينًا شروط صحة صلاة الجمعة-: "الثالث: أن لا يسبقها ولا يقارنها جمعة في بلدتها، إلا إذا كبرت أي البلدة وعَسُر اجتماعهم، في مكان، بأن لم يكن في محل الجمعة موضع يسعهم بلا مشقة، ولو غير مسجد، فيجوز
فعلى هذه المسئلة المعتمدة عند الشافعية، يجوز إقامة الجمعة الثانية أو الثالثة.. بعد الأولى في موضع واحد أو مسجد واحد بالشروط ذكرها الأئمة في كتبهم
الصورة الثانية للتعدد
قال ابن حجر رحمه الله
( الثَّالِثُ أَنْ لَا يَسْبِقَهَا وَلَا يُقَارِنَهَا جُمُعَةٌ فِي بَلْدَتِهَا ) مَثَلًا ، وَإِنْ عَظُمَتْ لَهَا لَمْ تُفْعَلْ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَحِكْمَتُهُ ظُهُورُ الِاجْتِمَاعِ الْمَقْصُودُ فِيهَا ( إلَّا إذَا كَبُرَتْ ) ذَكَرَهُ إيضَاحًا عَلَى أَنَّ الْمَدَارَ إنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِهِ ( وَعَسُرَ اجْتِمَاعُهُمْ ) يَقِينًا وَسِيَاقُهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ ضَمِيرَ اجْتِمَاعِهِمْ لِأَهْلِ الْبَلَدِ الشَّامِلِ لِمَنْ تَلْزَمُهُ وَمَنْ لَا ، وَأَنَّهُ لِمَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ وَكِلَاهُمَا بَعِيدٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مَنْ يَغْلِبُ فِعْلُهُمْ لَهَا عَادَةً وَأَنَّ ضَابِطَ الْعُسْرِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً ( فِي مَكَان ) وَاحِدٍ مِنْهَا ، وَلَوْ غَيْرَ مَسْجِدٍ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لَا غَيْرُ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ أَوْ بَعُدَتْ أَطْرَافُ الْبَلَدِ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ وَالْأَوَّلُ مُحْتَمَلٌ إنْ كَانَ الْبَعِيدُ بِمَحَلٍّ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ نِدَاؤُهَا بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ وَظَاهِرٌ إنْ كَانَ بِمَحَلٍّ لَ
قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: فعلى هذا تجوز الزيادة على جمعة في جميع البلاد التي تكثر الناس فيها ويعسر اجتماعهم في موضع، وهذا الوجه هو الصحيح, وبه قال أبو العباس بن سريج وأبو إسحاق المروزي، قال الرافعي: واختاره أكثر أصحابنا تصريحا وتعريضا, وممن رجحه ابن كج والحناطي بالحاء المهملة, والقاضي أبو الطيب في كتابه المجرد والروياني والغزالي وآخرون, قال الماوردي: وهو اختيار المزني، ودليله قوله تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج. اهـ. التعدد للحاجة بحسبها
قال ابن حجر رحمه الله
وَقِيلَ : إنْ كَانَتْ قُرًى ) مُتَفَاصِلَةً ( فَاتَّصَلَتْ ) عِمَارَتُهَا ( تَعَدَّدَتْ الْجُمُعَةُ بِعَدَدِهَا ) أَيْ تِلْكَ الْقُرَى اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِهَا الْأَوَّلِ ( وَلَوْ سَبَقَهَا جُمُعَةٌ ) بِمَحَلِّهَا حَيْثُ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّعَدُّدُ ( فَالصَّحِيحَةُ السَّابِقَةُ ) لِجَمْعِهَا الشَّرَائِطَ وَلَوْ أُخْبِرَتْ طَائِفَةٌ بِأَنَّهُمْ مَسْبُوقُونَ بِأُخْرَى أَتَمُّوهَا ظُهْرًا وَالِاسْتِئْنَافُ أَفْضَلُ
( فَرْعٌ ) حَيْثُ تَعَدَّدَتْ الْجُمُعَةُ طَلَبَ الظُّهْرَ وُجُوبًا إنْ لَمْ يَجُزْ التَّعَدُّدُ وَنُدِبَ إنْ جَازَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافْ مَنْ مَنَعَ التَّعَدُّدَ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ أَوْ زَائِدًا عَلَيْهَا شرواني
وَلَوْ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ ) أَيْ مَعَ وُجُودِ مَسْجِدٍ فَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَسْجِدَانِ وَكَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ إذَا صَلَّوْا فِيهِمَا وَسِعَاهُمْ مَعَ التَّعَدُّدِ وَكَانَ هُنَاكَ مَحَلٌّ مُتَّسِعٌ كَزَرِيبَةٍ مَثَلًا إذَا صَلَّوْا فِيهِ لَا يَحْصُلُ التَّعَدُّدُ هَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ فِعْلُهَا فِيهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ حِرْصًا عَلَى عَدَمِ التَّعَدُّدِ ع ش أَقُولُ وَلَا مَوْقِعَ لِهَذَا التَّرَدُّدِ فَإِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي هُنَا شرواني
الثالث) من الشروط (أن لا يسبقها ولا يقارنها جمعة في تلك البلاد أو القرية) للاتباع (إلا لعسر الاجتماع) في محل مسجد أو غيره منها. فحينئذ يجوز تعددها بحسب الحاجة (المنهاج القويم ص
وصلاة الجمعة لأنها لا تقام بعد أخرى فإن فرض الجواز لعسر الاجتماع فالقياس في المهمات أنها كغيرها (شرح البهجة الوردية 4/177)
وإذا قلنا يجوز تعدد الجمعة لعسر الاجتماع في مكان واحد لم يجز إلا بقدر ما يندفع فلو اندفع بجمعتين لم يجز بالثالثة، صرح به الإمام وجزم به السبكي والإسنوي (الأشباه والنظائر ص85
(قوله وعسر اجتماعهم إلخ) لوقوع الزحمة أو لبعد أطراف البلدة أو لوقوع المقاتلة بين أهلها وحد البعد كما في الخروج عن البلد (قوله فالتعدد جائز للحاجة) أي لدفع المشقة؛ ولأنه لو منع ذلك لوجب التكبير قبل الفجر لبعد الجامع ولا يقول به أحد (أسنى المطالب 3701/
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْجُمُعَةُ بِمَحَلٍّ يَمْتَنِعُ فِيهِ التَّعَدُّدُ أَوْ زَادَتْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ فِيهِ التَّعَدُّدُ كَانَ لِلْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ أَحْوَالٍ الْأُولَى أَنْ تَقَعَا مَعًا فَتَبْطُلَانِ فَيَجِبُ أَنْ يَجْتَمِعُوا وَيُعِيدُوهَا جُمُعَةً عِنْدَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ
الثَّانِيَةُ أَنْ تَقَعَا مُرَتَّبًا فَالسَّابِقَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ وَاللَّاحِقَةُ بَاطِلَةٌ فَيَجِبُ عَلَى أَهْلِهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ
الثَّالِثَةُ أَنْ يُشَكَّ فِي السَّبْقِ وَالْمَعِيَّةِ فَهِيَ كَالْحَالَةِ الْأُولَى
الرَّابِعَةُ أَنْ يُعْلَمَ السَّبْقُ وَلَمْ تُعْلَمْ عَيْنُ السَّابِقَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الظُّهْرُ ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى إعَادَةِ الْجُمُعَةِ مَعَ تَيَقُّنِ وُقُوعِ جُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الطَّائِفَةُ الَّتِي صَحَّتْ جُمُعَتُهَا غَيْرَ مَعْلُومَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِمْ الظُّهْرُ
الْخَامِسَةُ أَنْ يُعْلَمَ السَّبْقُ وَتُعْلَمُ عَيْنُ السَّابِقَةِ لَكِنْ نُسِيَتْ وَهِيَ كَالْحَالَةِ الرَّابِعَةِ فَفِي مِصْرِنَا يَجِبُ عَلَيْنَا فِعْلُ الْجُمُعَةِ أَوَّلًا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ جُمُعَتُنَا مِنْ الْعَدَدِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ ثُمَّ يَجِبُ عَلَيْنَا فِعْلُ الظُّهْرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْعَدَدِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مَعَ كَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمَ وُقُوعِ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ ا هـ
(الثالث) من الشروط (أن لا يسبقها ولا يقارنها جمعة في تلك البلاد أو القرية) للاتباع (إلا لعسر الاجتماع) في محل مسجد أو غيره منها. فحينئذ يجوز تعددها بحسب الحاجة (المنهاج القويم ص370)
وصلاة الجمعة لأنها لا تقام بعد أخرى فإن فرض الجواز لعسر الاجتماع فالقياس في المهمات أنها كغيرها (شرح البهجة الوردية 4/177)
وإذا قلنا يجوز تعدد الجمعة لعسر الاجتماع في مكان واحد لم يجز إلا بقدر ما يندفع فلو اندفع بجمعتين لم يجز بالثالثة، صرح به الإمام وجزم به السبكي والإسنوي (الأشباه والنظائر ص85
(قوله وعسر اجتماعهم إلخ) لوقوع الزحمة أو لبعد أطراف البلدة أو لوقوع المقاتلة بين أهلها وحد البعد كما في الخروج عن البلد (قوله فالتعدد جائز للحاجة) أي لدفع المشقة؛ ولأنه لو منع ذلك لوجب التكبير قبل الفجر لبعد الجامع ولا يقول به أحد (أسنى المطالب
، ونقل الفقهاء عن الامام الشافعي رحمه الله تعالى كماقال العلامة البجيرمي على الخطيب : ... لأن الشافعي رضي الله عنه دخل بغداد وأهلها يقيمون بها جمعتين وقيل ثلاثا فلم ينكر عليهم فحمله الأكثرون على عسر الاجتماع ، قال الروياني : ولا يحتمل مذهب الشافعي غيره وقال الصيمري : وبه أفتى المزني بمصر ، والظاهر أن العبرة في العسر بمن يصلي لا بمن تلزمه ولو لم يحضر ولا بجميع أهل البلد كما قيل بذلك.اهـ حاشية البجيرمي على الخطيب - (2 / 326) . فهذا يحتمل بالوجهين فحملناه على ذلك الإحتمالين
والحاصل من كلام الأئمة أن أسباب جواز تعددها ثلاثة: ضيق محل الصلاة بحيث لا يسع المجتمعين لها غالبا، والقتال بين الفئتين بشرطه، وبعد أطراف البلد بأن كان بمحل لا يسمع منه النداء أو بمحل لو خرج منه بعد الفجر لم يدركها إذ لا يلزمه السعي إليها إلا بعد الفجر اهـ وخالفه ي( ) فقال يجوز بل يجب تعدد الجمعة حينئذ للخوف المذكور لأن لفظ التقاتل نص فيه بخصوصه ولأن الخوف داخل تحت قولهم "إلا لعسر الاجتماع" فالعسر عام لكل عسر نشأ عن المحل أو خارجه. وانحصار التعدد في الثلاث الصور التي استدل بها المجيب المتقدم ليس حقيقة إذ لم يحصر العذر في التحفة والنهاية وغيرهما بل ضبطوه بالمشقة، وهذا الحصر إما من الحصر المجازي لا الحقيقي إذ هو الأكثر في كلامهم أو من باب حصر الأمثلة. فالضيق لكل عسر نشأ عن المحل والبعد ولكل عسر نشأ عن الطريق والتقاتل ولغيرهما كالخوف على النفس والمال والحر الشديد والعداوة ونحوها من كل ما فيه مشقة (بغية المسترشدين ص
ومن صور جواز التعدد بعد طرفي البلد بحيث تحصل مشقة لا تحتمل عادة , لأنها تسقط السعي عن بعيد الدار , ومن جوازه أيضا وقوع خصام وعداوة بين أهل جانبي البلد , إن لم تكن مشقة , وعليه لو نقص عدد جانبيه أو كل جانب عن الأربعين لم تجب عليهم فيه ولا في الآخر (حاشية القليوبي 1/3151/
ويجوزُ تَعدُّدها إذا كانتْ هناك حاجةٌ أو ضرورةٌ، وإنْ حصَلَ الاكتفاءُ بجامعَينِ لم يَجُزْ إقامتُها في ثالثٍ، وكذلك ما زاد، وهو المشهورُ من مذهبِ المالِكيَّة (1) ، والشافعيَّة على الصَّحيحِ (2) ، والحَنابِلَة (3) ، وقولٌ للحنفيَّة (4) ، وهو قولُ أكثرِ العُلماءِ
: (الشرح الكبير)) للدردير، مع ((حاشية الدسوقي)) (1/374)، ((منح الجليل)) لابن عليش (1/427)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/74)
لا يجوزُ تَعدُّدُ الجُمَع عند الشافعيَّة إلَّا إذا كبُر المحل، وعسر اجتماعُهم في مكانٍ، بأن لم يكن في محلِّ الجمعة موضعٌ يَسعُهم بلا مشقَّة، فيجوز التعدُّدُ للحاجة بحسبِها؛ لأنَّ الشافعيَّ رضي الله عنه دخل بغدادَ وأهلُها يُقيمون بها جمعتين، وقيل: ثلاثًا، فلم يُنكِرْ عليهم، فحَمَله الأكثرون على عُسر الاجتماع. يُنظر: ((المجموع)) للنووي (4/585، 591)، ((حاشية البجيرمي على شرح الخطيب)) (2/194، 195
المغني)) لابن قدامة (2/248)، ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (2/).
: قال ابن هُبَيرة: (قال الطَّحاويُّ: والصَّحيح من مذهبنا أنَّه لا يجوز إقامةُ الجمعة في أكثر من موضعٍ واحد من المصر، إلا أن يَشقَّ الاجتماعُ؛ لكبر المصر، فيجوز في موضعين، وإن دعَت الحاجةُ إلى أكثرَ جاز) ((اختلاف الأئمة العلماء)) (1/156، 157
حكم صلاة الجمعة با العدد القليل عن الاربعين
قد اختلف العلماء في العدد المتعين لإقامة صلاة الجمعة، فبعضهم يشترط لإقامة الجمعة أربعين رجلاً وهو مذهب الشافعية والحنابلة، ومنهم من يشترط ثلاثة رجال سوى الإمام وهو مذهب أبي حنيفة في الأصح عنه، ومنهم من يشترط اثني عشر رجلاً مقيمين غير الإمام، وهو مذهب المالكية في المشهور عنهم
قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ قَوْلًا
الْأَوَّلُ تَنْعَقِدُ بِالْوَاحِدِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يَشْتَرِطُ الْجَمَاعَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ، الثَّانِي بِاثْنَيْنِ كَالْجَمَاعَةِ وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيّ
الثَّالِثُ بِاثْنَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمُحَمَّدٍ وَاللَّيْثِ
الرَّابِعُ بِثَلَاثَةٍ مَعَ الْإِمَامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ
الْخَامِسُ بِسَبْعَةٍ عِنْدَ عِكْرِمَةَ
السَّادِسُ بِتِسْعَةٍ عِنْدَ رَبِيعَةَ
السَّابِعُ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ
الثَّامِنُ مِثْلُهُ غَيْرُ الْإِمَامِ عِنْدَ إِسْحَاقَ
التَّاسِعُ بِعِشْرِينَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ
الْعَاشِرُ بِثَلَاثِينَ كَذَلِكَ الْحَادِيَ عَشَرَ بِأَرْبَعِينَ وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ الثَّانِي عَشَرَ بِأَرْبَعِينَ غَيْرِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْقَوْلُ الْآخَرُ عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَطَائِفَةٌ
الثَّالِثَ عَشَرَ بِخَمْسِينَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ
الرَّابِعَ عَشَرَ ثَمَانُونَ حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ الْخَامِسَ عَشَرَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَلَعَلَّ هَذَا الْأَخِيرَ أَرْجَحُهَا مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ قَالَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي شرواني
قال الإمام ابن الملقِّن الشافعي في "التوضيح" (7/ 451-456، [أكثر هذه الأقوال دعوى بلا دليل، وإنما بعضها حالٌ وقع ولا يلزم منه التحديد] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (2/ 423،): [الخامس عشر: جمع كثير بغير قيدٍ، ولعلَّ هذا الأخير أرجحها من حيث الدليل] اهـ.
والمعتمد في مذهب الشافعي رحمه الله
( وَ ) اخْتَصَّتْ بِاشْتِرَاطِ أُمُورٍ أُخْرَى مِنْهَا ( أَنْ تُقَامَ بِأَرْبَعِينَ ) وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَلَّاهَا فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى عَلَى مَا بَحَثَهُ جَمْعٌ وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ ، ثُمَّ حَضَرَ حُسِبَ أَيْضًا أَوْ مِنْ الْجِنِّ كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ إنْ عُلِمَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِوُجُودِهِمْ وُجُودُ الشَّرْطِ فِيهِمْ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ يُعَزَّرُ مُدَّعِي رُؤْيَتِهِمْ مَحْمُولٌ عَلَى مُدَّعِيهَا فِي صُوَرِهِمْ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي خُلِقُوا عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ وَذَلِكَ لِمَا صَحَّ أَنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ صُلِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ كَانَتْ بِأَرْبَعِينَ وَالْغَالِبُ عَلَى أَحْوَالِ الْجُمُعَةِ التَّعَبُّدُ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَالْأَرْبَعُونَ أَقَلُّ مَا وَرَدَ وَخَبَرُ الِانْقِضَاضِ مُحْتَمَلٌ تحفة
ولا تنعقد الجمعة بأقل من أربعين خلافا لأبي حنيفة رحمه الله تعالى فتنعقد عنده بأربعة ولو عبيدا أو مسافرين
فَتْحُ الْمُعِينِ ولا يشترط عندنا إذن السلطان لإقامتها ولا كون محلها مصرا خلافا له فيهم
وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ لَا يَبْلُغُ عَدَدُهُمْ أَرْبَعِينَ هَلْ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ أَوْ الظُّهْرَ فَأَجَابَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُمْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ أَجَازَ جَمْعٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ وَهُوَ قَوِيٌّ فَإِذَا قَلَّدُوا أَيْ جَمِيعُهُمْ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ ، وَإِنْ احْتَاطُوا فَصَلَّوْا الْجُمُعَةَ ، ثُمَّ الظُّهْرَ كَانَ حَسَنًا
فَتْحُ الْمُعِينِ
وَتَقَدَّمَ عَنْ الْجَرْهَزِيُّ مَا يُوَافِقُهُ وَفِي رِسَالَةِ الْجُمُعَةِ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْفَتَّاحِ الْفَارِسِيِّ سُئِلَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكُرْدِيُّ ، ثُمَّ الْمَدَنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْجُمُعَةَ إذَا لَمْ تَسْتَوْفِ الشُّرُوطَ وَصُلِّيَتْ بِتَقْلِيدِ أَحَدِ الْمَذَاهِبِ وَأَرَادَ الْمُصَلُّونَ إعَادَتَهَا ظُهْرًا هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَأَجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَا مَنْعَ مِنْهُ بَلْ هُوَ الْأَحْوَطُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَمَا فِي الْإِمْدَادِ وَلَا يَجُوزُ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا وَكَذَا عَكْسُهُ لِغَيْرِ الْمَعْذُورِ فَمَحَلُّهُ عِنْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّةِ الْجُمُعَةِ لَا عِنْدَ وُجُودِ خِلَافٍ قَوِيٍّ فِي عَدَمِ صِحَّتِهَا شرواني
قال الامام النووي قي شرح المهذب( أما حكم الفصل ) فلا تصح الجمعة إلا بأربعين رجلا بالغين عقلاء أحرارا مستوطنين القرية أو البلدة التي يصلى فيها الجمعة لا يظعنون عنها شتاء ولا صيفا إلا سفر حاجة ، فإن انتقلوا عنه شتاء وسكنوه صيفا أو عكسه فليسوا مستوطنين ولا تنعقد بهم بالاتفاق ، وهذا الذي ذكرناه من اشتراط أربعين هو المعروف من مذهب الشافعي والمنصوص في كتبه ، وقطع به جمهور الأصحاب ، ومعناه أربعون بالإمام فيكونون تسعة وثلاثين مأموما .ونقل ابن القاص في التلخيص قولا للشافعي قديما : أنها تنعقد بثلاثة : إمام ومأمومين ، هكذا حكاه عن الأصحاب ، والذي هو موجود في التلخيص ثلاثة مع الإمام ، ثم إن هذا القول الذي حكاه غريب أنكره جمهور الأصحاب وغلطوه فيه .قال القفال في شرح التلخيص : هذا القول غلط لم يذكره الشافعي قط ولا أعرفه ، وإنما هو مذهب أبي حنيفة .
وقال الشيخ أبو علي السنجي في شرح التلخيص : أنكر عامة أصحابنا هذا القول وقالوا : لا يعرف هذا للشافعي .
وأما قول المصنف ( هل تنعقد بمقيمين غير مستوطنين ؟ ) فيه وجهان مشهوران : أصحهما : لا تنعقد ، اتفقوا على تصحيحه ، ممن صححه المحاملي وإمام الحرمين والبغوي والمتولي وآخرون ، وسيأتي إن شاء الله –
تعالى - في الفرع الآتي بيان محل الوجهين . شرح المهذب
فإذا تعذّر تقليد الشافعية في هذه المسألة: أُخِذَ بقول غيرهم من المذاهب أو أقوال المجتهدين؛ لأن الحالة التي تمر بها بلدان العالم هي حالة ضرورة، فيكون المناسب في التعامل معها هو فقه الضرورة وفتاوى النوازل، لا الجمود على مذهب بعينه، والقاعدة المستقرة: "أن من ابتُليَ بشيءٍ مما اختُلِفَ فيه فليقلد من أجاز".
وقال الإمام العلائي الشافعي -كما في "التقرير والتحبير" (3/ 351، [والذي صرَّح به الفقهاء في مشهورِ كُتُبِهم: جوازُ الانتقال في آحاد المسائل والعمل فيها بخلاف مذهب إمامه الذي يقلد مذهبه، إذا لم يكن ذلك على وجه التتبع للرخص، وشبهوا ذلك بالأعمى الذي اشتبهت عليه أواني ماء وثياب تنجس بعضها؛ إذا قلنا: ليس له أن يجتهد فيها بل يقلد بصير
وقال العلَّامة الشيخ علوي بن أحمد السقَّاف الشافعي في "سبعة كتب مفيدة" (ص: 52، ط. الحلبي): [ومن فتاوى السيد سُليمان بن يحي مُفتي زبيد، عن البدر بن عبد الرحمن الأهدل بأنَّ: جميع أفعال العوام في العبادات والبيوع وغيرها مما لا يخالف الإجماع على الصحة والسداد إذا وافقوا إمامًا مُعتبرًا على الصحيح.. وما يُفتَى بهِ من أنَّ العامي لا مذهبَ له مُعيَّن يكاد أن تتعيَّن الفتوى به في حق العوام في هذه الأزمنة، وإن كان عن المتأخرين المُصحَّح من أنَّه يجب عليه التزام مذهب مُعين، لكن من خبر حال العوام في هذا الزمان -سيَّما أهل البوادي منهم- جزم بأن تكليفهم التزام مذهب مُعيَّن قريب من المستحيل، وبأنَّ الفتوى ما أفتى به البدر الأهدل: أنَّه لا مذهب للعامي مُعين كالمُتعين، والله المُستعان] اهـًا يجتهد فإنه يجوز أن يقلد في الأواني واحدًا وفي الثياب آخر، ولا منع من ذلك] اهـ
وقال الإمام الزركشي الشافعي في "البحر المحيط" (8/ 375):[وحكى ابن المُنَيِّرِ عن بعض مشايخ الشافعية أنه فاوضه في ذلك وقال: أيُّ مانعٍ يمنع من تتبع الرخص ونحن نقول: كل مجتهد مصيب، وأن المصيب واحد غير معين، والكل دين الله، والعلماء أجمعون دعاة إلى الله!
واشتراط عدد الأربعين هو مذهب الشافعية والراجح عند الحنابلة، لكن إذا قرَّر وليّ الأمر -تبعًا لما اقتضته الضرورة- تقليص عدد المصلين عن أربعين: فإن هذا لا يقتضي ترك الجمعة، بل ولا إعادتها ظهرًا؛ بل يكون العمل فيه بما يناسب الحال على ما دون الأربعين؛ كما هو رأي جمهور الفقهاء؛ لأن الشريعة ليست حكرًا على مذهب، ولا هي مختصرة في قول أو رأي، بل هي أوسع من المذاهب والآراء؛ فلا تُنْسَخُ أحكامُها لعدم القدرة على تطبيق قول بعينه،
وفي هذه المسألة ومثيلاتها يقول الإمام أحمد: "لا تحمل الناس على مذهبك"؛ نقله ابن مفلح في "الفروع" (3/ 152،ومن "جزيل المواهب في اختلاف المذاهب"؛ كما يعبر الإمام السيوطي الشافعي في رسالته التي سماها بذلك، وإنما تنوعت المذاهب واختلفت الأقوال للسعة والتيسير، لا للتضييق والتعسير؛ ولذلك كان طلحة بن مُصَرِّف إذا ذُكر عنده الاختلاف يقول: "لا تقولوا: الاختلاف، ولكن قولوا: السعة" أخرجه أبو نعيم في "الحلية". وقال الإمام الزركشي الشافعي في "البحر المحيط" (8/ 119، ط. دار الكتبي): [اعلم أن الله تعالى لم ينصب على جميع الأحكام الشرعية أدلة قاطعة، بل جعلها ظنية؛ قصدًا للتوسيع على المكلفين، لئلَّا ينحصروا في مذهب واحد لقيام الدليل عليه] اهـ.
[1: يقول الإمام القرافي المالكي في "شرح تنقيح الفصول" (ص: 432، ط. الطباعة الفنية المتحدة): [قال يحيى الزناتي: يجوز تقليد المذاهب في النوازل والانتقال من مذهب إلى مذهب، بثلاثة شروط: أن لا يجمع بينهما على وجه يخالف الإجماع؛ كمن تزوج بغير صداق ولا ولي ولا شهود، فإن هذه الصورة لم يقل بها أحد. وأن يعتقد فيمن يقلده الفضل بوصول أخباره إليه، ولا يقلده رميًا في عماية. وأن لا يتتبع رخص المذاهب. قال: والمذاهب كلها مسالك إلى الجنة وطرق إلى الخيرات؛ فمن سلك منها طريقًا وصَّله] اهـ.
في المذاهب الاربعة
: ما التعدد: فهو جائز عند الحاجة؛ كما نص عليه فقهاء المذاهب الأربعة قاطبةً فعن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أرأيت أهل البصرة لا يسعهم المسجد الأكبر كيف يصنعون؟ قال: "لكل قوم مسجد يجمعون فيه، ثم يجزئ ذلك عنهم" أخرجه عبد الرزاق في "المصنف
: وقال العلامة النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (1/ 260، ط. دار الفكر): [وإن تعدد: فالجمعة للعتيق، إلا أن يكون البلد كبيرًا؛ بحيث يعسر اجتماعهم في محل ولا طريق بجواره تمكن الصلاة فيها فيجوز حينئذ تعدده بحسب الحاجة، كما لو ارتضاه بعض شيوخ المذهب، ولعل الأظهر حاجة من يغلب حضوره لصلاتها ولو لم تلزمه كالصبيان والعبيد؛ لأن الكل مطلوب بالحضور ولو على جهة الندب، وينبغي أن يلحق بذلك وجود العداوة المانعة من اجتماع الجميع في محلٍ واحدٍ، بل لو قيل: إن هذا أولى لجواز التعدد لما بَعُدَ] اهـ.
: قال العلامة الكشناوي المالكي في "أسهل المدارك" (1/ 333، ط. دار الفكر) مُعَلِّقًا عليه: [وفي بعض تقييدات هذا المحل لبعض الأفاضل أنه قال: "ورجح المتأخرون جواز تعدد الجمعة، وعليه العمل عندنا بالمغرب، وهو الصواب"، إلى آخر ما قال اهـ] اهـ.
وقال الإمام العبّادي الشافعي في "حاشيته على الغرر البهية" (2/ 50، ط. المطبعة الميمنية): [والظاهر أنَّ مِن الحاجة: ضيقَ محلٍّ واحدٍ عن الجميع، فلو تعددت المساجدُ، ولم يكن فيها ما يسع الجميع، فالظاهر: أنَّه لا كراهة من حيثُ التعددُ للحاجة] اهـ
وقال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهي" (1/ 779، ط. المكتب الإسلامي):[(إلا لحاجة كضيق) مسجد البلد عن أهله (و) كـ(بُعْد) بأن يكون البلد واسعًا وتتباعد أقطاره، فيشق على من منزله بعيد عن محلّ الجمعة المجيء إليه (وخوف فتنة) بأن يكون بين أهل البلد عداوة فتخشى إثارة الفتنة باجتماعهم في مسجدٍ واحدٍ، فتصح حينئذ السابقة واللاحقة؛ لأنها تفعل بالأمصار العظيمة في أماكن متعددة من غير نكير، فكان إجماعًا.
قال الطحاوي: وهو الصحيح من مذهبنا.
وأما كونه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقمها هو ولا أحد من الصحابة فلعدم الحاجة إليه ولأن الصحابة كانوا يؤثرون سماع خطبته وشهود جمعته وإن بعدت منازلهم؛ لأنه المبلغ عن الله] اهـ.
وأوضح الإمام القرافي المالكي في "شرح تنقيح الفصول" (ص: 432، ط. الطباعة الفنية المتحدة): [قاعدة: انعقد الإجماع على أنَّ مَن أسلم فله أن يُقلِّد من شاء من العلماء بغير حَجْرٍ، وأجمع الصحابة رضوان الله عليهم على أن من استفتى أبا بكر وعمر رضي الله عنهما أو قلدهما: فله أن يستفتي أبا هريرة ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما وغيرهما ويعمل بقولهم من غير نكير، فمن ادعى رفع هذين الإجماعين فعليه الدليل] اهـ.
الافضل مسجد اوالمكان الواسع
قال ابن حجر رحمه الله
َلَوْ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ ) أَيْ مَعَ وُجُودِ مَسْجِدٍ فَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَسْجِدَانِ وَكَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ إذَا صَلَّوْا فِيهِمَا وَسِعَاهُمْ مَعَ التَّعَدُّدِ وَكَانَ هُنَاكَ مَحَلٌّ مُتَّسِعٌ كَزَرِيبَةٍ مَثَلًا إذَا صَلَّوْا فِيهِ لَا يَحْصُلُ التَّعَدُّدُ هَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ فِعْلُهَا فِيهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ حِرْصًا عَلَى عَدَمِ التَّعَدُّدِ ع ش أَقُولُ وَلَا مَوْقِعَ لِهَذَا التَّرَدُّدِ فَإِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي هُنَا شرواني
(الثالث) من الشروط (أن لا يسبقها ولا يقارنها جمعة في تلك البلاد أو القرية) للاتباع (إلا لعسر الاجتماع) في محل مسجد أو غيره منها. فحينئذ يجوز تعددها بحسب الحاجة (المنهاج القويم ص370)
وصلاة الجمعة لأنها لا تقام بعد أخرى فإن فرض الجواز لعسر الاجتماع فالقياس في المهمات أنها كغيرها (شرح البهجة الوردية 4/177)
وإذا قلنا يجوز تعدد الجمعة لعسر الاجتماع في مكان واحد لم يجز إلا بقدر ما يندفع فلو اندفع بجمعتين لم يجز بالثالثة، صرح به الإمام وجزم به السبكي والإسنوي (الأشباه والنظائر ص85
(قوله وعسر اجتماعهم إلخ) لوقوع الزحمة أو لبعد أطراف البلدة أو لوقوع المقاتلة بين أهلها وحد البعد كما في الخروج عن البلد (قوله فالتعدد جائز للحاجة) أي لدفع المشقة؛ ولأنه لو منع ذلك لوجب التكبير قبل الفجر لبعد الجامع ولا يقول به أحد (أسنى المطالب 1/248)
(فتاوى السبكي 1/180)
وفي حاشية الترمسي على الموهبة 4/217 : (قوله مع عدم عسر الإجتماع ) اي : في محل واحد ، وكذا الجمع المحتاج اليها مع الزوائد عليه ، فإنها كالجمعتين المحتاج الى إحداهما في التفصيل الذي ذكر . كما أفتى به البرهان ابن ابي شريف . اهـ ،
لىتعدد الجمعة في وقت واحدا
وفي كاشفة السجا للنووي الجاوي - (1 / 252) : واعلم أنه إذا تعددت الجمعة لحاجة بأن عسر الاجتماع بمكان جاز له العدد بقدرها وصحت صلاة الجميع على الأصح سواء وقع إحرام الأئمة معاً أو مرتباً، وأما إذا تعددت لغير الحاجة المذكورة فله خمس حالات.
الحالة الأولى: أن يقعا معاً فيبطلان فيجب أن يجتمعوا في محل واحد ويعيدوها جمعة عند اتساع الوقت ولا تصح الظهر بعدها.
الحالة الثانية: أن يقعا مرتباً فالسابقة هي الصحيحة واللاحقة باطلة فيجب على أهلها صلاة الظهر.
الحالة الثالثة: أن يشك في السبق والمعية فيجب عليهم أن يجتمعوا في محل ويعيدوها جمعة عند اتساع الوقت وتسن الظهر بعدها.
الحالة الرابعة: أن يعلم السبق ولم تعلم عين السابقة كأن سمع مريضان أو مسافران تكبيرتين متلاحقتين فأخبرا بذلك مع جهل المتقدمة منهما فيجب عليهم الظهر لأنه لا سبيل إلى إعادة الجمعة مع تيقن وقوع جمعة صحيحة في نفس الأمر، لكن لما كانت الطائفة التي صحت جمعتها غير معلومة وجب عليهم الظهر وخرج بالمريضين أو المسافرين غيرهما فلا تصح شهادته لفسقه بترك الجمعة.
الحالة الخامسة: أن يعلم السبق وتعلم عين السابقة لكن نسيت وهي كالحالة الرابعة أي فيجب استئناف الظهر فقط لالتباس الصحيحة بالفاسدة.اهـ ومثله في الترمسي على الموهبة
جاء في [مغني المحتاج] للخطيب الشربيني الشافعي رحمه الله -مبينًا شروط صحة صلاة الجمعة-: "الثالث: أن لا يسبقها ولا يقارنها جمعة في بلدتها، إلا إذا كبرت أي البلدة وعَسُر اجتماعهم، في مكان، بأن لم يكن في محل الجمعة موضع يسعهم بلا مشقة، ولو غير مسجد، فيجوز
قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: فعلى هذا تجوز الزيادة على جمعة في جميع البلاد التي تكثر الناس فيها ويعسر اجتماعهم في موضع، وهذا الوجه هو الصحيح, وبه قال أبو العباس بن سريج وأبو إسحاق المروزي، قال الرافعي: واختاره أكثر أصحابنا تصريحا وتعريضا, وممن رجحه ابن كج والحناطي بالحاء المهملة, والقاضي أبو الطيب في كتابه المجرد والروياني والغزالي وآخرون, قال الماوردي: وهو اختيار المزني، ودليله قوله تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج. اهـ. التعدد للحاجة بحسبها".
(سؤل رحمه الله تعالى) إذا فقدت شروط الجمعة هل يجب علينا أن نصليها أو يسن واذا صليناها هل تجب اعادتها ظهرا أو يسن افيدونا (الجواب) إذا فقدت شروط صحة الجمعة عند الشافعى فلا تجب ولا تسن بل تحرم لأنه تلبس بعبادة فاسدة وهو حرام كما صرح به اؤمتنا نعم إن قال بصحتها من يجوز تقليده وقلده الشافعي تقليدا صحيحا مستجمعا لشروطه جاز فعلها حينئذ.ء رضي الله عنهم ؟ كردي
0 تعليقات