ريشة ذهبية في تاريخ ارض الكنانة



إعداد : عبد الله الثقافي الهندي
(عميد كلية أصول الدين، جامعة مركز الثقافة السنية - الهند )

كانت هي لحظات مضيئة حافلة بالعلوم والمعارف، ومباركة بحضور الكواكب العلمية من مختلف الدول الإسلامية في أرض الكنانة إحدى أقدم الحضارات على وجه الأرض، والتي تحتوي على ثلث آثار تاريخية، المشتهرة بأم الدنيا المسيل بركاتها إلى العرب والعجم، وبلد كريم التربة، مؤنسة لذوي الغربة، موطن أقدام الأنبياء والمرسلين المكرمين والصحابة المجاهدين، الوارد ذكرها في القرآن الكريم بصراحة في أربعة مواضع تشريفًا لها وتكريمًا وبإشارة إليها في ثلاثين موضعًا من القرآن، والوارد في لسان النبي صلي الله عليه وسلما "إنكم ستفتحون مصر، أحسِنوا إلى أهلها؛ فإن لهم ذمة ورحِمًا". (رواه مسلم ) والداخلة في طيات الجاحظ : "إن أهل مصر يستغنون بما فيها من خيرات عن كل بلد، حتى لو ضرب بينها وبين بلاد الدنيا بسور ما ضرها ؛ فهي مرتع العلماء والزهاد والعباد والأبطال والشجعان، الوارد في وصف ابن ظهيرة "حلاوة لسانهم، وكثرة ملقهم، ومودتهم للناس، ومحبتهم للغرباء، ولين كلامهم، وحسن فهمهم للشريعة، مع حسن أصواتهم، وطيب نغماتهم وشجاها، وطول أنفاسهم وعلاها؛ فمؤذنوهم إليهم الغاية في الطيب، ووعاظهم ومغنوهم إليهم المنتهى في الإجادة والتطريب ؛ ونساؤها أرق نساء الدنيا طبعًا، وما زلت أسمع قديمًا عن الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه ولم أره منقولاً، أنه قال : من لم يتزوج بمصرية لم يكمل إحصانه، وهي بلد إنتاج الجيل العلمي والحضاري، فهي مرقد قطبنا وإمامنا وقبلة علمنا الإمام الشافعي رضي الله عنه.
رغم أني أقمت فيها في هذه المرة ليومين فقط إلا أنهما يكتبان في حياتي بأحرف ذهبية ؛ لأنني شهدت فيهما للمؤتمر الدولي للفضاء الالكتروني ضرورة العصر الذي عقد تحت وزارة الاوقاف المصرية في ساحة فخامة الرئييس عبد الفتاح السيسي حفظه الله ،
وفي الحقيقة كانت ريشة ذهبية في تاريخ الوزارة الأوقاف المصرية لأن المؤتمر تمتاز بعدة خصائص، فأولها أهمية عناوين المؤتمر، وثانيا : حضور مذهل بالعلماء والمفكرين والمفتين والسادات والخبراء، 
وثالثا : الكلمات الثمينة المؤثرة من الوزير، 
ورابعا : التخطيط المثالي، وخامسا  حضور الوزير من البداية إلي النهاية، وسادسا : المثالية لجيل جديد، وسابعا : المؤتمر الاول بهذا العنوان، وثامنا مشاركة ستين دولة، وتاسعا فعالية لجنة التنظيم
عاشرا التدخل الفعال من الوزير وغيرهامن الكنوز المثالية لجميع المؤسسات واللجنات، ولابد من الإشارة إلى أن المؤتمر وعنوانه يكون حلا دائما للمشكلات الرقمية التي يتعرض لها الجيل الجديد
وأكد المؤتمر : أن التعامل مع الفضاء الإلكتروني أصبح ضرورة ملحة لمواكبة التطور التكنولوجي ومتطلبات العصر ويبرز الدور الذي يمكن أن يقوم به الاستخدام الرشيد لهذا الفضاء في نشر الفكر المستنير، ومواجهة الأفكار المتطرفة وصرح المؤتمر ايضا : أن الحاجة إلى ضبط الفتاوى في هذا العصر أمر في غاية الأهمية، ونحن في حاجة ماسة إليه من خلال الاستعانة بذوي الخبرة والعلم، حيث كثرت النوازل والأحداث وكل ذلك يقتضي الدقة في النظر إلى الأسباب والظروف المحيطة لإصدار الفتوى، وبخاصة في المسائل التي تلامس جمهور الأمة وتشغل بالها، فلقد أثبت الخطاب الديني عبر الفضائيات انتشارًا واسعًا واختلفت فيه وجهات النظر بين الإفراط من جهة والتفريط من جهة أخرى، والإسلام بريئ من ذلك كله، مشيدًا بموضوع المؤتمر مؤكدًا أنه ضرورة العصر للاستفادة من الفضاء الإلكتروني في تسهيل الوصول للجمهور من الدعاة المخلصين عبر هذه الوسائل، كذلك قلة التكلفة على المقدم والمستفيد، وسرعة 
التعرف على الإجابة في وقت قصير.


وكان المؤتمر وموضوعه مهما جدًّا ؛ لأن العالم الإنساني يتقدم يومًا بعد يوم ويفتح مجالات جديدة ؛ لكي يتواصل الناس فيما بينهم، ولذا فإن هذه الأدوات الجديدة تسمح لنا أن نتواصل من بعيد مع بعضنا البعض وتفتح لنا مجالات واسعة جدًّا ؛لاستعمالها في دعوتنا إلى دين الله الحنيف، فعلينا أن نتقدم ولا نتخلف عن استخدام الأدوات التكلوجية الحديثة في نشر الخطاب الديني الوسطي
وأكد المؤتمر على أن الوسائل المتاحة في زمن نزول الوحي قد استخدمت ولكن العالم قد تغير وتبلور وظهرت الوسائل الجديدة وجذب العالم الرقمي الجيل الجديد ونشأت الثورة الرقمية في مجالات كلها، لدرجة أنه استعمل الانسان الذكاء الاصطناعي في مجال الفتوي والمعاملات  والتعلم والتعليم، وظهر سوق ذكي في بعض البلاد نظرا إلي هذا، على العلماء والدعاة استخدام رشيد لهذه الوسائل المتاحة اليوم ورفض الاستخدام الغير الرشيد
وحذر المؤتمر على الفتوي الخاطئة عبر الوسائل الالكترونية ولا بد من أن يكون  على يقظة تامة وانتباه كامل عند الإفتاء.
وأشاد كثير من العلماء عنوان المؤتمر وعلى مقدمتهم مفتي الديار الهندية الشيخ أبوبكر أحمد، وطلب في صفحته الرسمية للوزير والمشاركين بتشكيل لجنة بصفة عالمية لمواجهة سلبيات الوسائل الإلكترونية، وأعرب عن عميق حزنه وقلقه على استخدام وسائل الإعلام من بعض الجهات ؛ لنشر الإرهاب والتطرف  وألاّعقلانية كما حرّض فضيلته إلى حسن استخدام الفضاء الإلكتروني في مجال نشر القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية الراقية النبيلة، والإسهام في تحقيق السلام الإنساني والعالمي، ونشر روح التسامح وفقه العيش المشترك.
وقد جذب المؤتمر الدولي  قلوب المشاركين بخصائص عناوينه ؛
1-  الفضاء الإلكتروني ضرورة العصر.
2- الوسائل غير التقليدية وأثرها في تناول الخطاب الديني.
3-  الفتوى الإلكترونية.
4-  التحفيظ والتدريس عن بعد.
5-  الاستخدام غير الرشيد للفضاء الإلكتروني، وتصحيح المسار.
6-  الاستخدام غير الرشيد للوسائل وأعلنت وزارة الأوقاف عام٢٠٢٣م للدعوة الإلكترونية نظرا لاهميته لانالادوات والوسائل لايمكن الحكم عليها با القبول المطلق والمنع المطلق كالقلم والسكين قد يكون آلة رشاد أو فساد، ولأنها وسيلة البلاغ بشكل سريع إلى جميع العالم، مثل التعليم عن بعد والتحفيظ عن بعد وعقد الندوات والمحاضرات افتراضيا، لدرجة أن الأوقاف المصرية أصدرت كتابا "حروب وهمية " وفيه إشارة إلى المحاذير والمنافع الإلكترونية.
وأكد المؤتمر على ضرورة الفضاء الإلكتروني لأمور: الأول التواصل مع العالم الخارجي داخل نطاق واحد، الثاني : تسهيل حجز الإلكتروني الثالث: التعرف على الأخبار المهمة فور حديثها، الثالث: تسهيل الدراسات العلمية، وبالإضافة إلى ذلك نبه المؤتمر على خطورة هذه الوسائل بسيطرة المجرمين علي الحسابات الشخصية وسرقة البيانات الموزونة وعلى سهولة عملية الاحتيال والتعرض للفيروسات الالكترونية،
وحلل المؤتمر الموقف الفقه الإسلامي من استخدام الفضاء الإلكتروني حيث كان هذ الفضاء مسيطرا على الحيات الإنسانية  وصرح المؤتمر أن الإسلام حث على الأسباب والوسائل المادية إلي التيسير والمصلحة ؛ وقد قال تعالي "وابتغو إليه الوسيلة" واستخدمت الوسائل المتاحة في زمن النبي صلي الله عليه وسلم كالقلم والكتابة والرسائل وإرسال الرسول والتمثيل، رغم أنها تستعمل  في السلبيات أيضا لكن العالم يتغير يوميا وينتج عالما وجيلا جديدين رقميا وتقنيا، ومن مسؤولية العلماء التفكر عن إمكانية هذا العالم الجديد في نشر دين الله الحنيف ورفض السلبيات قال الإمام الغزالي رحمه الله " العلوم التي ليست بشرية تنقسم إليى ما هو مذموم وإلى ما هو محمود  وإلى ما هو مباح.
وصرح  الفقهاء صحة استخدام الكتابة في المعاملة والنجاح وغيرهما في وقت الحاجة مع ظوابطها الفقهية ؛ لدرجة قال الإمام الشرواني من الفقهاء الشافعية "ومن الكتابة الخبر السلك المحدث في الأزمنة المتأخرة" وأيضا قبول الإيجابيات من هذه الوسائل من المقاصد العامة للشريعة الإسلامية وحفظ نظام العالم  وضبط تصرف الناس حذرا من التهالك والمفاسد، على وجه الخصوص نعيش في عالم رقمي يتعامل الناس فيه من سوق ذكي، ويتكلم الناس لإنسان ذكي ويستفتي الناس للذكاء الاصطناعي ويجعل الوسائل العصرية لإبلاغ رسالتهم إلى الأخر بشكل صريح، وهل من الممكن أن يقول العاقل التعامل بهذه الوسائل واستخدامها في حاجات الإنسانية حرام مطلقا ! وجدير بالقول أن الفقهاء بحثوا عن مسألة المعاطات، فقالوا : يصح البيع والمعاملة بلا إيجاب وقبول في المحقرات وغيرها، واختاره الإمام النووي مستدلّاً بقول الله إنما البيع عن تراض أي القول والفعل أو غير ذلك من الأمور الدالة على رضى البائع والمشتري، خلافا للإمام الشافعي رحمه الله، حيث قال : القول هو الدال على رضا البائع والمشتري، ويفهم من البحث صحة استخدام الفضاء الإلكتروني في المعاملات المالية.
وأشار العلماء المشاركون في هذ المؤتمر إلى أهمية نشر الدعوة خلال الفضاء الإلكتروني حيث يستطيع إيصال المعلومات إلى الملاين في كل مكان بأقل النفقة خلال إنشاء المواقع الإسلامية وإعداد المادة العلمية والاستعانة بالعلماء المتخصصين في كل الفنون العصرية في المجال الدعوي، وتصحيح المسار.
ولف المؤتمر انتباه المشاركين إلى أهمية التعليم عن بعد عبر الوسائل العصرية، وصرح أنواع التعليم عن بعد المتزامن وغير المتزامن والتعليم المدمج وتحديات التعليم عن بعد، وبيّن أيضا إلى خطورة ألعاب الموت والجرائم الالكترونية وكيفية المواجهة وإلي كيفيات استغلال التنظيمات الإرهابية وضوابط الألعاب الالكترونية.

إرسال تعليق

2 تعليقات

  1. يا لكم من الفصاحة وحسن الأداء ابهرتمونى بكتابة ذات أسلوب رائع بارك الله وزاذكم الله علما و عملا وشرفا و فضلا و مجدا

    ردحذف